قصة م.ص. :من يركب البحر…(2/2)


قصص

قصة م.ص. : من يركب البحر…

على متن طائرة ثم سفينة

بدأ م. ص. رحلته إلى القارة الأوروبية على متن طائرة لأول مرة في حياته. ”إنها لحظات غريبة. تشعر فجأة بأنك وحيد وكأن شيئا لا تتحكم فيه يجردك من ماضيك وكأن ستارا يحجب عنك حاضرك.“ قال م. ص. وهو ينظر بشيء من القلق إلى السماء.

استغرقت الرحلة أربع ساعات قضى م.ص. بعضها على متن الطائرة والبعض الآخر على متن قطار متوجه إلى الميناء قبل ان يجد نفسه على ظهر سفينة الصيد بشباك البحر. وما كانت مشقة المهنة وخطورة العمل الجديد في حسبان م.ص. ومر زمن طويل قبل ان يعتاد على العمل على متن سفينة الصيد أي ما يقارب ستة أشهر.

ويقول م.ص. إن ما لا يستطيع أن ينساه هو الحرمان من النوم لساعات لا يكاد يحصي عددها وإنه عاقب نفسه بالأعمال الشاقة. ويعترف م.ص. قائلا: ”كنت غالبا ما أتخلى عن الوجبات من جراء الإرهاق الأقصى لأنام ساعة أو ساعتين. كنت في عنفوان شبابي وما بالك عن العمال البالغين من العمر 50 سنة أو أكثر؟ رأيت العديد من الشبان يغادرون السفينة ونُقلوا إلى المستشفيات القريبة كما قِيل لنا بعد. لاتسألني عن العواصف البحرية والفزع الذي تثيره في نفسك. »

تعرف م.ص. على عمال من بلدان متعددة جلبتهم سياسة الشركات الأجنبية الكبرى للصيد التي تدفع لهم رواتب منخفضة وتستعمل أقصى قدر من قوتهم. وكان م.ص. يتصرف بحذر شديد نحو هذه اليد العاملة. لقد كان بعضهم، مثل رئيس العمال، يتجسس عل الآخرين ويشاهد ويحصي كل ما يبدر منهم.

إجازة ليستعيدوا إنسانيتهم

يعود الصيادون إلى المدينة أثناء إجازتهم لإنفاق جزء من رواتبهم وقضاء أفضل وقت ممكن لنسيان الجحيم الذي يعترفون بوجوده في البحر والاتصال بعائلاتهم على الهاتف وإرسال الأموال اليهم وتلبية حاجياتهم ثم ليستعيدوا إنسانيتهم. وكان همه هو إحاطة أمه بكل ما تحتاجه من رعاية وعناية. وفي قرارة نفسه، تمنى م.ص. لو أن السفن لم تكن موجودة حتى في أحلامه وخصوصا في كوابيسه.

إجازة مرضية إثر مكيدة كادت تؤدي بحياته

أصبح م.ص. يجيد لغة البلد الذي يتيح له كسب العيش وتعرفعلى بض معالمه السياحية وجمع مالا لا يُستبعد أن يمثل رأس مال جيد ووفر ما يكفي لشراء شقة في حي من الأحياء الغنية إلى حد ما في المدينة المكتظة بالسكان. ولسوء الحظ كان ضحية حادث عمل ومنحته الشركة إجازة مرضية لمدة ثلاثة أشهر. ”كنت أشعر أن أحد العمال كان يتربص بي وينوي التخلص مني وتساءلت ما هو نوع المكيدة التي دبرها خصمي وكيف اتفاداها. » واستطرد قائلا: « لقد كاد شره أن يؤدي بحياتي ولا أظن أني أسأت له ولم أخبر أحدا بأن الحادث كان متعمدا.“

راحة البال في غاية الأهمية

عاد م.ص. إلى ريفه الذي غادره وهو صغير ويعيش الآن مرتاح البال بعيدا عن المحيط وارتطام أمواجه وعواصفه. لقد ركب الأهوال عندما كان لديه عزم الشباب. أليست راحة البال في غاية الأهمية ؟

Auteur : Salahdnl

Passionné pour le partage.

%d blogueurs aiment cette page :